ملحمة غزة ضد وقاحة الرأسمال

في زاوية الرأي، نقرأ بصحيفة نيورك تايمز أن زعماء أوروبا أجمعوا على التنديد بالممارسات الإجرامية الإسرائيلية فى غزة. لكن ما أن إندلعت حرب إيران حتى نسوا في اللحظة و الحين غزة و اصطفوا خلف إسرائيل و أمريكا. فكيف حصل هذا؟ يتساءل الكاتب مُـجـيـبا: كانت القنابل أكبر و الفرجة أحلى. و كان ترمب بهستيرية فائقة ينصب الديكور لمسرحية تـفـتـن الأنظار

و نتساءل بدورنا. هل يتعلق الأمر بقادة دول أم أطفال في المنتجع الترفيهي وورلد ديزناي، منبهرين أمام الألعاب النارية و قهقهات السحرة و خفق أجنحة العفاريت؟ هل نحن في مسرح العبث؟ ألا يتعلق الأمر برجال في خدمة أوطانهم؟ و هل من خدمة لوطن في غياب الأخلاق و التضامن الإنساني المنتفض في وجه القذارات التي تهدد الأوطان و تحكم عليها بالتخبط في ليالي الهوان؟

و إذا، فما الذي يجعل هؤلاء الرجال يديرون الظهر لغــزة؟ الأمر ببساطة يقول أن هؤلاء القادة في أغلبهم لم يصلوا للسلطة إلا بفضل المال و الرأسمال. و إذا فهم قبل كل شيء في خدمة الذهب الرنان! و بريق هذا الذهب يعمي الأعـين. فهي لا ترى. و يصم الآذان فهي لا تسمع

و إذا، ما يجري بغزة ليس إلا الجرافة الرأسمالية تـتـغـدى من عرق الـفـقـراء و سحقهم. إنها لا تغـفـر لهم رفضهم أن يكونوا مُستعـمَـرين و عـبـيـدا ! و إذا، فـنحن في حرب القيم بامتياز. تلك التي تحدث عنها بحصافة نادرة العالم الكبير المهدي المنجرة. حرب مكارم الأخلاق في وجه قيم التسلط و الهيمنة! حرب التضحية من أجل هـيـبـة الوطن و عـزة المرأة و مجد الرجل و هذه رأسماليا بلاغة فارغة. فالمجد كل المجد لهذا المال المـتـقـدم صلفا و وقاحة باسم الحرية و الديمقراطية و ما لا أعرف من شعارات بغـيضة تـقـطـر دما و تحمل وسام أكذوبة الأكـاذيـب

و إذا، ها هم أهل الرأسمال يغرقون غـزة في هوس العار و جنون الشره. و متى كان الشره في عربيتنا إلا مرادفا للـشـر يـنـشـر سلطانه قـتـلا و نسفا و تجويعا و تعطيشا. هل نستغرب؟ متى كان الشر سلطة إلا الجوع يختال حقارة

ملحمة غزة ضد وقاحة الراسمال

و لكن، يا للدهشة ها هم أهل الشر يكتشفون أنهم بـقـدر ما كانوا يـمزقـون غـزة كانت ترد الصاعة صاعـين و كانت تلطخهم بفضل مقاومتها، تجعلهـم يكـتـشفـون شـرهـم مدنسا و جوههم بغائط  خسـتـهم

ها هـو الرأسمال يـكـتـشـف ثروات غزة أعـز من بيض النسر! و يكتشف فـلسطـين أضحت أغنية الضمائر الحية و أغنية الفقراء المقهورين عبر العالم! و ها هم أهل إسرائيل يكتشفون الرأسمال لا يعـدهم إلا بمزيد من الحروب و التخبط، في الوقت الذي ترتفع فيه القبضات مطالبة بالـعدالة. يكتشفون ديمقراطيتهم مسخا و أن الديمقراطية الحق هي بالظبط، هذه التي  تطرق أبواب الكون بأياد مضرجة

نعم، يا أهل صهيون الرأسمال لا يستعملكم حتى إذا قضى منكم وطرا ألقى بكم في غياهب الدمار. كلا، فأنتم الرأسمال و الكارثة إنه الرأسمال مسلحا بأساطيركم البالية!  أو لا تستحقون الرثاء و أنتم تسحبون كل هذه البراميل المبرملة من الذهب البراق و البارود الحراق؟

و ها أنتم اليوم أينما حللتم و رحلتم إلا و تركـتم الدنيا خـرابا؟ الآبار تجـف مياهها. الأنهار يـشـح عـطـاؤهـا. البحر نفسه، متى ما لمستموه لا يعـود مدا و لا جزرا و لكنه، أمواج منكسرة باكية صاخبة! ها أنتم اليوم، أينما تبدت ملامحكم إقشعرت الإنسانية التي سجلت جرائمكم على جبينها بأحرف من جمر ملتهب! فبالله، من يصافحكم؟ من يثق بكم؟ كيف و قد أخلفتم كل المواعـيد و خـنـتـم كل الـعُـهـود؟

أي قـدرساقـكم لهذا الدرك المهـول؟ أو لم تخرجوا من الليل الهـمجي النازي و آثار السياط الوحشية على ظهـوركـم و أرواحـكم. و كان العالم بأكمله متعاطفا معكم. و كان الطريق ممهدا لكم لتكونوا حكماء العالم. لكن، عوض الإشعاع الكونــي اخترتم السطو على عـلبة لـيـل لـتمارسوا بها استريب تيز، عارضين مـفـاتـن عـورات عاركم. و كان القيأ و التقيؤ السيد السؤال و السيد الجواب

يا للمعجزة، طوال حرب إبادتكم أعطيتم لعدوكم الفلسطيني هالة نور كونــي. في الوقت الذي كنتم فـيـه تـتـدثـرون بعـباءة العـنجهـية و الاستعـلاء؟  كيف سقـطـتم في حبائل غرائزكم لتجهزوا على تراثكم و عـبقـريتكم. و استبدال كل ذلك باستيطان و قـهـر هـما الـيـوم مـضرب الأمـثـال

 أعترف حقا إنكم لإحدى المعجزات إسرافا في التنكر لوصاياكم و إجهازا على الضمـيـر! ها أنتم اليوم من أمة محبوبة إلى دولة تحتل، تـقـتـل، تجندل، تبصق على القانون و حقوق الجار و حقوق الإنسان. هذا الإنسان الذي جردتموه من إنسانيته حتى لا يـكـون إلا حيوانا يـُـركب و يُـنـغــز بمنغـاز أو يـقـتل أو يشرد في منافـي و مـلاجـئ لا تـنـتـهـي

ها هم أحرار اليهود يـنـتـفـضـون بعـزة الروح الإنسانية منددين بهذا المسخ الذي يشوه وجوههم مدعـيا أنه منبثق من كتابهم المقدس و مفكريهم العباقرة

يا للشجاعة! شجاعة الفرسان الأشاوس تقتلون الأطفال، كما الشيوخ، كما النساء و أكثر من هذا تـقـتـلون الجـوعـى العُــزل. أو لسنا شهودا؟ أو لم نكن نرى جنودكم ضاحكين، ساخرين، يضغطون على الزناد و بجهالة الجبناء يقولون صارخين: عوض قطعة الخبز، عوض حفنة الدقيق هذه حفنة رصاص و حفنة قنابل و حفنات سموم لمن يفلت من موتنا الزؤام؟

أتحداكم أن تقتلوا البهاء في عيني صبية فلسطينية، أن تخنقوا سنابل الفرح في يد طفل فلسطيني. أتحداكم أن تخنقوا نفسا يعـد بالربيع! أتحـداكم أن تمنعـوا انبثاق و تفتق زهرة من بين الأنقاض

أنتم الذين تتغنون بالنصر المطلق! هنيئا لكم. ها أنتم تتخبطون في وحل العار المطلق. و ها أنا أتحدى أبواق عاركم التي تخنق صوتي و كل الأصوات الحرة. أتحداها أن تـخـنـق صوت الحق تجلى طلقة من بندقية

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *