مسلسل الملحمة و مسلسل البهدلة

نعم، سقط الطاغية بشار. لكن، لن أتحدث لكم اليوم عن هذا الموضوع. فالأسئلة جد مشتعلة في رأسي، حد أنها تكاد تحرق الأجوبة التي مهما كانت صائبة، فإنها صفراء، باهتة، متجاوزة أمام ديناميكية الأحداث. و إذا، فلأترك هذا الموضوع للمرة القادمة. فلعل الأجوبة تكون قد نضجت و كيف لا، و أنا أضعها على نار هادئة

سأحدثكم اليوم عما أسميه: مسلسل الملحمة و مسلسل البهدلة. و إذا، هل هي نهاية الحرب المتسخة في جنوب لبنان؟ كلا، إنها ليست إلا هدنة. و لكن المشهد المأساوي يسمح لنا باستجلاء هذه الحقائق الموجعة التي ترسم المسلسلان. مسلسل الملحمة و مسلسل البهدلة

الملحمة، ملحمة المقاومة في غزة و لبنان. المقاومة التي لا تملك إلا أظافرها و أنيابها و إرادتها. و إذا، فهي تملك كل الهمة لصنع الملحمة في وجه عدو يملك  كل أسلحة الدمار و طائرات العار. و إذا، فإنه يملك كل أدوات الخزي لصنع بهدلته الذاتية

نذالة اغتصاب رجل مكبل

هذا هو الذي فتح الباب على مصراعيه أمام إسرائيل لتدخل مسلسل البهدلة، الذي يعني مسلسل الهوان و الخيبات و الانهيار الأخلاقي و شر الهزائم. الهزيمة المتوجة بالعار ؟

البهدلة، نقيض الملحمة. فالملحمة أخلاقا و شهامة و نبل عاطفة. البهدلة، تستعمل جماجم الأبرياء و عـظام الأطفال و أطراف النساء لبناء صرح بهدلتها؟ البهدلة، نذالة اغـتصاب رجل أسير مكبل؟

البهدلة، قـذارة تجـنـيـد الكلاب الضالة لافــتراس جـثـت قـتـلاهـا ! البهدلة، حـقـارة جـنـود يـركلون و يـتـبولون عـلى جـُـثت الموتى. البهدلة، قباحة التقيؤ على المصحف القرآني في المساجد قبل نسفها، و خسة البصاق على رسوم السيد المسيح في الكنائس قبل تخريبها

الملحمة هي النقيض المطلق لكل هذه الفواحش. إنها هيبة الإنسانية مهابة و إجلالا و تعظيما للحق الذي هو إسم الله. وإذا، فـملحمة المقاومة تعني انتصار الأخلاق و مكارم الأخلاق في وجه انحطاط الهمجية الـغـابـوية

أرباب الموبقات و الفواحش

هل نستغرب أن نرى البهدلة فضاعات، تنتهي بأهلها منبودين، ملقى بهم أمام الحائط المسدود، تحول حائط المبكى. فليذرفوا الدموع الحرى على ماض، كان لهم فمسخوه و حاضر كان لهم، فـلطخوه بصديد و قـيـح  و مستقبل كان لهم، فوسموه بكل هذه المخزيات التي يخجل منها أباطرة الفاحشة، و أرباب الفجور

و إذا، يا أرباب الموبقات! تـقـدمـوا زرافات و وحدانا أمام محكمة الضمير و محكمة الله. نعم، لا محامي لكم و لا جبل يعـصمكم من الطوفان؟ دلوني على يد واحدة تصافحكم و لا تخشى أن تنقض العهد المُعطـى، مع إنسانية الإنسان و مع الله، الذي شرف الإنسان بالخلافة في أرضه

ها أنتم، في عـــز البهدلة. و خلفكم جبال أحلامكم أعـمدة دخـان. هـذه إنجازاتكم، تدل على بهدلتكم. جُـثـت على جثت، حتى  كأني بالجثث ضجت من الجُثـث. ها أنتم، دمرتم و خربتم أحياء بكاملها. مساكنا و مساجدا و كنائسا و مكتبات و مستشفيات. فهل كان ذلك بدافع إسقاط القناع، حتى نـتعـرف عـلى حقـيـقـة ملامحكم و ملامح سـطـوة الـجـبـن الإجـرامـي فـي حـربـكـم ؟

ويحكم، تـتـبجـحـون بـسحـق كـل الزهـور. لـكـن، ماذا عـن الـبـذور؟ تـقـتلعـون كل أشـجار الزيتون. لـكـن، ماذا عـن الـجـذور؟ تـقـتـلون أشراف الرجال. لكن، ماذا عـن الأرحام و ما هـي به حـبـلى من نسور؟ فهل كنتم تـقـتـلون الرجال و النساء؟ أم كنتم تـهـبونهم حياة مستأنفة و عزيمة أكثر اشـتـعـالا ؟

الهزيمة متوجة بالعار

وها أنتم، فـهـنـيـئا لكم! بهذا السقوط المريع! سقطت الأسطورة. نعم، نعم، الأوطان تنهض من سقوطها، لكن شر السقوط إفلاسا، لهوالسقوط الأخلاقي. و ها هي جرائمكم بغزة و الضفة و لبنان، تـُـتوج إفلاسكم الحضاري. و ها وُعــود أصنامكم و تـنبـؤات أحباركم، تـكـشـفـت عـن هـذا الـعـنوان الغليظ: الهـزيمة و الــعــار

 نعم، لقد أشعلتم كل الجبهات. لكن، ماذا عن الجبهة الحقوقية، بمحكمة جـناياتها و عـدالتها. إنها الجبهة الأخلاقية، تشير بأصبع لا يـرتـعـش  لـتطـهـيـركم العــرقـي الـمـقـيـت و حرب إبادتكم الأمـقـت! و كيف ننسى هذه الجبهة المشتعلة، جبهة الرأي العام الإنساني، الذي يشعل الدنيا مظاهرات منددة، ساخطة، غاضبة. فـبـالله، أيـن الـمـفــر؟

ما تجديه صهـيونـيتكم الدينية العمياء تطرفا، و العمياء تعصبا، و العمياء عنصرية، و العـمياء جهالة جهلاء. إنها تعـتبر نفسها المؤتمنة على العهد الموقع مع السماوات العـُـلى. و الذي لا يـتم نوره إلا بحرق المسجد الأقصى و تـشيـيد دولة إسـرائـيـل الـعملاقة. الدولة ذات العـماد التي لم يُخلق مثلها في البلاد. و التي تمضي دبابة مفقوءة العـينين من النيل للفـرات، مرورا بأرض الخـلـيج الـطافـحة زيـتا و غـازا و فـواكـه دانـية الـقـطـوف

ربات الحداد البواكيا

أعترف أن أحلامكم و استيهامات أحباركم تـُـضحك ربات الحداد البواكيا. فهل تستيقظون من سُـباتكم؟ هل تخرجون و لو للحظة من غـطرسة أنانـيـتـكم و قــراءتـكـم الـمـُـغـرضة لـتـراثـكـم؟ كيف تأبون إلا أن تـكـونـوا الـورثـة الـشـرعـيـيـن للإيـديـولـوجـية الاستعـمارية، في أقبح تجلياتها عـنصرية و احتقارا. كأنكم لا تعلمون أن هذا الشرق، مهد الحضارات و مهد الأنفة. و أن إنسان هذا الشرق لا ينام على الضيم و أنه يرد الصفعة صفعات و اللكمة لكمات؟

ويحكم متى كان العربي الحـُـر يصافح من يُـهـينه؟ متى كان العربي الحر إلا حربا شعـواء في وجه من يسرق أرضه و يـغـتصب حـقـه ؟ كأنكم لم تـتعـلموا أننا الأمة الوسط. و إذا، لا توسط بيننا، لنا الصدر و الفخر أو الاستشهاد. و الاستشهاد، لا يعنى موتا، لكنه يـعـنى حـيـاة مـسـتأنـفـة. تـجند أطـفـالـنا الـقـادمـين هـمة تحريرية، تطاول عـنان السماوات

و إذا، ها سماحة الشيخ نصر الله، ينجب أنصار الله بلا عد ولا حصر. و ها هو السنوار، ينتصب بهي القامة، يمشى أيقونة تحرير. و ها هم أبطال سوريا، يـشـطـبون هـذه الـنفايات التي كانت سما في حلق الأمة السورية، مهـد العـروبة و مهـد الحضارة و التاريخ المجيد

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *